اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
مواعظ وذكرى
5808 مشاهدة
أحوال الناس يوم القيامة

يحشرون على هذه الحالة في حالة من الفزع، وفي حالة من الخوف، هذا الموقف الذي هو موقف القيامة الذي قال الله فيه: يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ؛ أي يقفون في موقف يوم القيامة في أشد حالة، لا يهتم بعضهم ببعض، أخبر الله تعالى بأنهم: فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ ؛ بل كل منهم يهمه نفسه، تهمه نجاة نفسه قال الله تعالى: يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ .
في ذلك اليوم يذكر أن أحدهم يأتي إلى امرأته ويقول: أنا زوجك في الدنيا وأنا الذي كسوتك، وأنا الذي عاشرتك فتقول: نعم الزوج، ونعم الأخ فيقول: أريد حسنة يرجح بها ميزاني؛ حسنة من حسناتك فتقول: إني أخاف مما تخاف نفسي نفسي، يأتي إلى ولده فيقول: يا ولدي، أنا أبوك الذي ربيتك، وأنا الذي أعطيتك وأنا الذي خولتك وعلمتك أعطني حسنة يثقل بها ميزاني، فيقول الولد: وأنا أخاف مما تخاف منه؛ فكل منهم يكون همه نفسه، همه ما ينجيه كل منهم يقول: إني أريد النجاة، يعلم أنه إذا سعد في ذلك اليوم فإن له السعادة الأبدية التي ليس بعدها شقاوة؛ فكل يخاف على نفسه.
هكذا ورد في هذا الحديث، وفي هذه الآيات يقول الله تعالى: يَوَدُّ الْمُجْرِمُ ؛ يعني الذي عرف بأن مصيره إلى النار؛ يود لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ ؛ يعني أن يفدي العذاب ببنيه . وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ ؛ أي زوجته وإخوته. وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ وَفَصِيلَتِهِ ؛ أي قبيلته التي تؤويه في الدنيا، والتي تنصره، والتي ترشده، فصيلته. وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ يود أنه ينجو وحده ولو أن جميع من حوله وجميع أعوانه وجميع حاشيته وقبيلته وأسرته وأولاده وإخوته وزوجاته وأقاربه كلهم يفتدي من العذاب بهم، ولكن قال الله تعالى: كَلَّا إِنَّهَا لَظَى ؛ أي النار. نَزَّاعَةً لِلشَّوَى تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى وَجَمَعَ فَأَوْعَى .
ذلك الموقف الذي هو يوم القيامة قد أخبر الله تعالى بأنه يوم طويل، كما في قوله تعالى: فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا خمسين ألف سنة.
ورد في بعض الآثار: أن المؤمنين لا يحسون بطوله؛ أهل الإيمان والعمل الصالح لا يحسون بطوله، وأن الأرض تكون كالخبزة تحتهم، يأكلون من تحتهم ولا يهمهم طول المقام، وأما الأشقياء فإنهم يستطيلون ذلك اليوم ولو كان قصيرا؛ وذلك لأن أيام الحزن طوال، وأيام الفرح قصار.
في هذا اليوم الذي هو يوم القيامة، يوم البعث والجزاء على الأعمال ورد ما يدل على هول ذلك اليوم، وأنه يوم الهول، ويوم الفزع، وأن الناس شاخصة أبصارهم؛ شاخصة إلى السماء، لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ كأنه ليس لهم قلوب في مكان تلك الأفئدة هواء.
كذلك يعتقد المؤمنون بما أخبر الله تعالى به في ذلك اليوم؛ فيعتقدون أولا: أنه يوم طويل، وأنه يوم شديد، وأنه يوم فيه الهول والشدة.